لماذا قتلهم محمد صلاح/ أشرف الجمال

 

 

تبدأ الحكاية

بهروب العصفور – الذي ربيته –

من القفص المعلق في فراندتي

هكذا تنتهي معظم علاقاتي

الوداع القسري .. وإن شئت الدقة (الخسارة)

حزنت كثيرا على هذا العصفور؛ لأني علمت أنه سيموت

العصافير التي تؤثر الحرية على الطعام المتاح .. تموت

نسيت كنكة القهوة على النار

فاندلقت كلها على روحي

تماما كعلاقة حب غير مكتملة .. شممت رائحة القهوة ..  

لكنني لم أذقها

لم أرتشفها على مهل مستمتعا بتفاصيل نكهتها

تتوالى عشرات المشاهد الدامية على شاشة القلب لآلاف السوريين

تسيل دماؤهم ببطء على أسلاك القفص المعلق بالفراندا

القفص الذي صار خاليا من الغناء

من قصة غرامٍ وليدة ٍتتشكلُ بين وليفين

تدهس المجنزرات في ذكرياتي مئات الفلسطينيات في حقول الزيتون المجاورة

لأوجاع المرأة الوحيدة التي أحببتها

(أتوقع أن يموت العصفور الهارب في حقلٍ منها)

تحتفي الجماهير العربية بفوز الأهلي المصري ببرونزية كأس العالم للأندية

تدور سجالات عنيفة حول رقصة صاحبة الفستان الأزرق على تيك توك

مجلس الشعب المصري يصدر قانونا لإزالة المساجد المخالفة لرخصة البناء

تضيع قصيدةٌ في ترهُّل السرد وزحمة التقرير المضني لرتابة حياتي

أَجُرُّ القصيدة قَسراً من شَعرها لترقص لي

تصفعني على وجهي وتلعن ميراث ذكورتي

تتهمني بأنني مثل كل الشرقيين هنا لا أحترم رهافة الأنثى

وأنني أشبه لحدٍ كبير عصفوري الهارب

الذي ترك أنثاه عزلاءَ في القفص بحثاً عن حريته

أبرر لها قسوتي بأنها نابعة من الحزن والقيود الغليظة

التي تُسوِّرُ عنقي

لكلٍ مِنّا سِجنُه الخاص

مثل كل العصافير نحن رَبِيبُو الأقفاص المسيجة لأفكارنا

لتقاليد الأغلبية .. تلك التي اكتسب قداستها عبر سطوة التعود

مشاعية الاعتراف بأن لون البحر أزرق

وأن القطط السوداء كائناتٌ مشؤومة

طعم التفاح حلو

وذكاء النعناع في التسلل إلى حكايات طفولتنا

نحن الخائفون – بل الخائفين – من سلطة الجماعة أكثر من خوفنا من الله

ربما لأننا نثق – حين نذنب- برحمة الله .. بستره

فيما نوقن  بقدرة المجتمع على القسوة .. وعشقه للفضيحة

أطلق نداء في الخواء لعل عصفوري الهارب يتعرف على رائحة صوتي

تعبر قطاة مهاجرة سطوح قلبي .. تلقط حَبةً ثم تمضي

أنسخ (كوبي بست) من وحدة صبّارةٍ نائيةٍ على ملامح سنواتي

لتكون أكثرَ صلابةً وأشد اعتزازاً بتفردها

أسيرُ خمسةَ كيلو متر حافياً على رمال غربتي

فوق الصخور الوعرة لحنيني إلى حٌبٍّ حقيقيٍ في هذا العالم

أقتل خمسة غِربانٍ سود تنهش وجه طفلةٍ تركض عاريةً على الطريق

وأسقطُ برصاصةٍ عمياءَ

كعصفورٍ حقيقيٍّ رفض أن يعيش في القفص

أحاول أن أمد جسراً من الانكسارات بيني وبين الله لأفهمه

يقولون : الفقد أقرب طريق لإيجاد الحقائق

أنتشل القاربَ (الوحيد) الغارق في روحي وأتشبث به لأنجو

أتأملُ حبيبتي (الوحيدة أيضا) على الضفة الأخرى وأرفضُ …… 

أن أودعها.

تعليق واحد

  1. الله ❤️🌹
    رااااااائعة ❤️🌹