عيد النسّاج/ محمد عيد إبراهيم

 

 

 

قد أحتاجُ، في هذهِ القصيدةِ، قُوّةَ “إبراهيمَ” كي أبعَثَ الحِكايةَ من مفاصِلِها الأربعةِ. قد أحتاجُ أن يَعُمِّ النظامُ، حتى تنجَلِيَ السَكِينةُ. وقد أنضَوي، معَ “يونسَ” في حُوتِهِ؛ قلبي حزينٌ مثلَ بَيضةٍ في سَلَّةٍ فُقِدَت، كانَت تحلُم أن تُصبِحَ طائراً بذيلٍ ملوَّنٍ طويلٍ. فَشَقَّ حَلقِي الدمعُ، وشَطأَ مِن العُشبِ نَبتٌ فاتنٌ غَرَستهُ، بعدَما تقَرَّحَت رُكبتاي في الشمسِ. عندَ الحافّةِ البعيدةِ، رجُلٌ يسقُطُ، بحَرارةِ الظُّهرِ معَه.  

 

 

عيدُ النسّاجِ، فَحْلٌ من القُرى، يكِدُّ نهاراً ويَسهَرُ ليلاً. شارِبٌ مقسُومٌ مِثلَ هتلرَ، وشفَتان مُزمَّمتان كابنِ أبي طالب. وَجهٌ وامِضٌ، مِثلَ أنورَ وجدي، ثم انقلَبَ معَ الأيامِ إلى نَمطِ الريحانيّ. حياةٌ تفتَحُ السِّدادَة، بضَجّةٍ أقَلّ، وصَحنُ كُمِّثرى جنبَ مِبسَمِ شِيشَةٍ. ساطِعاً، يرقَى السلالمَ، بيدٍ مفتوحَةٍ، لتلَقِّي عصفورٍ من رَحمةٍ بالسماءِ. ويبكي مرّةً، فينهالُ رزٌّ على بلاطِ الشقَّةِ.

 

 

غَرامي فيكَ، بلَونٍ خفيفٍ، أمامَ صفحةٍ حَذِرة: “صُبّ، ثانيةً، كلَّ أحزانِكَ، ثمّ خَلِّنا نَتَنزَّه!” تِمثالٌ، من الطينِ، قد يتَفَتَّتُ، في الحُجراتِ الدفيئةِ، وهو يحكي: رُبعُ قَرنٍ في “مصنعِ الغَزْلِ”، وقامَت الثورةُ، رَفْتٌ، ثم أعادوني براتبٍ أضعفَ من الأولِ، ولَم أحزَن، كنتُ لَم أتزوَّج أمكَ، ولم أُنجِب هذهِ الحِملان الكثيرةَ، لكني معَ آلةِ النَّسيجِ لُحْمَةٌ، سَلَّموها إلى عاملٍ آخرَ، فتَولَّى القِيادَ، كأنّي اغتَصَبوا حَلالي أمامي. 

 

 

شَحَّت الفلوسُ، (يعولُ 8 + 3 زوجات)، ولمّا زادَ الضغطُ، مالَ إلى صاحِبِ دكَّانِ ليعمَلَ معَه. عامِلٌ (ليسَ أبي، بِحَقِّ اللهِ وسرِّ الكتبِ)، يُهَرِّبُ بكَرَ الخَيطِ حينَما يتلبَّكُ ويَعِزُّ أن ينخَرطَ في القُماشِ. إصبَعهُ قِرفَةٌ كاللِّحاءِ، أَدِيمٌ من التَلَفِ، وحياةٌ كقِشْرِ الرُّمّانِ، بحِدَّةٍ أكبرَ. يا قِدِّيسُ، البناتُ آلاتٌ، لِتَتَعلَّمَ، وتُدِيرَ المُدنَ. وكانَت البطاطِسُ تتأنَّقُ، دائماً، في الفُرنِ أو بالقَلي، أو سَلَطَة… يضحَك، فأربطُ كِلمةً في الذاكرة.   

 

 

نَضَّت الأحلامُ عن نفسِها بُردَةً، مَسارٌ قاحِلٌ للزمنِ، وجِسمٌ واعٍ بشيءٍ عنيد. مَسَرّةٌ في الجِماعِ، مُطَّرِدة، وسرايا تُشعِلُ النيرانَ من فَجوةٍ بالدماغِ إلى تحت. كانَ ينُطُّ، لا يُهزَم، غيرَ ما يلتَقِط في سَبيلهِ مِن سَبايا وهو يعزفُ النايَ مِن قلبِ بِئرٍ. يا ربنا العادِلَ، وفي يومٍ صائِفٍ عادَ، مَحمولاً، بذراعهِ مأكولاً؛ الآلةُ التي كانَ يكرهُ، تَثأرُ منهُ. لا؛ أرجوكِ، يا أمّي، الربيعُ قَصِير، وابلٌ من طَيرٍ تَنخُرُ سِكَّتهُ خُنفِساءُ!  

 ، كيفَ ينفِقُ أو يزوِّجُ الحِملانَ؟ نامَ، فنامَ، نامَ ولَم يَقُم. في 50، طارَت طاقِيّةٌ، في غَمامٍ، أقدَمَ من الأرضِ، عَربةُ رشٍّ في السُرادقِ، أثقَلَهُ العِطرُ، صَبّ ذراعَيهِ، في رَحِمٍ، كسَبَّاحٍ إلى البَحرِ. غُبارٌ على المَرتَبةِ، ومِطرَقَةٌ في يَمامٍ لَفَّ صَحراءَ حتى يكتَمِل.