ديوان قبور لا تنتهي. آزاد عنز/ علياء سروجي

 

 

 

قام معروف خزندار بوضع موسوعته التاريخية (تاريخ الأدب الكردي) عن ألف عام مزيلاً عمله بـ (موجز تاريخ الأدب الكردي المعاصر)، وقد تم ذكر بعض الشعراء المؤسسين للشعرية الكردية كمولاي “1852.1806م”، مبتكر المقاطع الشعرية وملا خضر ميكائيلي” 1855،1797م “، وسالم الشيخ السليماني الكبير” 1909.1845م” تبعهم انقلاب لصالح الحداثة دعا له كوران وصالح الأبوين الروحيين للشعر الحديث، تبع ذلك عدة موجات أخرها بعد عام” 2003″م، مع شعراء مجددين أبرزهم طيب جبار والشاعرة لازو.
بالعودة إلى دراسة عن الأدب الكردي المكتوب باللغة العربية والهوية الثقافة لمركز حرمون للدراسات المعاصرة تضاربت الآراء حول انتماء هذا النتاج الأدبي فهناك من يعتبره عربيا لأنه مكتوب باللغة العربية وهناك من اعتبره منتجا كرديا بانتمائه للثقافة الكردية.
وقد بينت الدراسة أن عدة أسباب جعلت الكاتب الكردي يكتب بالعربية منها تاريخية وسياسية واجتماعية وذاتية بالإضافة لجمال وغنى العربية.
يذكر للكتاب الكرد تناولهم كافة الفنون الأدبية بالغة العربية أشدها حضورا الشعر، الذي كان أقدم أثر لهم فيه رباعيات كردية مماثلة لرباعيات الخيام للشاعر بابا طاهر الهمذاني (1010.935 م).
انتقال الشعر إلى اللغة العربية كتابة ونطقا كان له أثار كبيرة على بنية ورؤية القصيدة لاسيما ما وصلت له القصيدة الأن في موقعها المابعد حداثي والنمط العالمي الجديد المتغير في دلالات ومحورية القصيدة التي تنصلت من كل ما هو نمطي ومجرب لكن ما يتضح في القصيدة الكردية الحديثة على اختلاف شعرائها أمر محوري لايمكن تجاوزه نجده في ديوان آزاد عنز، شاعر حداثي تنحاز كلماته للحاضر ممسكة بخناق الماضي واضعة إياه في بقعة صغيرة لجملة تضع كل مقترفي التغريبة الكردية في محاكمة جهز لها كل ما يلزم من مرافعه. يعتبر آزاد في طليعة الشعراء الشباب الموهوبين والذين يحملون على عاتقهم العبء التاريخي للجملة الشعرية الكردية. يقول آزاد في ديوانه الأول ( القصيدة التي كتبت بلسان مقطوع):
واستقرت على الجودي
حضن الكردي
وميراث الكردي للكردي
الذي حمل نعش قضيته
وسرح بها راعيا في حانات المنفى
ليكمل كلامه في ديوانه الثاني ( قبور لاتنتهي) ويتحول ديوانه إلى جمع من الخواتيم التي كان المكان فيها سيد الوقت واللغة وأيضا الشعر. مما يضطرنا للوقوف طويلا أمام هذا الثالوث والحديث فيه قبل الخوض بأي تفصيل شعري.
يبدأ عنوان الكتاب (قبور لاتنتهي) حكاية موت ناقصة. كاتب وشاعر كردي سوري. هكذا يقدم آزاد نفسه متمسكا بعرقيته الكردية مفتتحا ديوانه بآية قرآنية ليصف الفترة الكردية العراقية في حكم صدام حسين محولا المكان إلى الشاهد الأول والأخير على الزمن والولادة والموت.
شاهدت قبرا لجائع
لم يحظ بطنه الفارغ برغيف موعود
من التنور المجاور
يتنقل الديوان بين شواهد القبور ليقرأ عناوين لحياة ميتة كانت تضج بالحركة والأسماءشاهدة قبر لأم. وأخرى لأب وحفيد ولا ينسى الجد:
شاهدت قبرا لخباز. شاهدة قبر لحداد.
شاهدت قبرا لحفار قبور.
حفر قبورا لكل الأموات
ولم تتح له الفرصة
أن يحفر قبر لنفسه
لم يتذكر شيء في حياة المكان إلا وذكره لتتحول أحوال الناس والمكان إلى خاتمة واحدة تجتمع فيها كل تلك الخواتيم:
شاهدت قبرا فارغا
بقيت أبوابه مفتوحة على مصراعيها
تنتظر القتيل الوافد لتغلق
وتنتهي الحكاية
قبور لا تنتهي
قبورنا التي لا تنتهي
خالف آزاد ما جاء به درويش ليس للكردي سوى الريح يصف حال صديقه سليم بركات.
مؤكدا أن للكردي أرضا لكن من قبور وليس مجرد ريح لا قدم لها، و أي ما تكون الآراء الشعرية يبقى المكان المحور النقدي الواضح والشاغل الأول في القصيدة الكردية المعاصرة.

 

المصدر_ مجلة عالم الكتاب