تَذكَارُ سعادةٍ/ أحمد المريخي

 

 

تحيةً طيبةً؛

تقرؤني الليلةَ بعد مطاردةِ غزالٍ

 يتدلَّلُ في “القمرايةْ”

يتحدى خَجَلي

 ويعاتبُني في نفس الوقت؛

“كيف تكونينَ مُحبَّةً

 ولا تصرخينَ فى وجه حبيبك: أحبُّكَ”.

 

 نعمْ أحبُّكَ

لكن..

عِدني أن تقرأني في البيت،

فرسالاتُ الأحبة أكبرُ من أن تُقرأ هكذا؛

“في غابةٍ”

وإنْ لم يكن لديك منزلٌ..

ابحثْ عنه

في مرآةٍ عانسٍ تتأملُ جدرانها/

في استراحةِ عاهرةٍ تستجمعُ الحرية/

في ابتسامة غوريلا تُفلِّي فروةَ قردٍ في الكهف،

وربما تجدهْ هناكَ؛

“في شجرةٍ تسمحُ للعصافيرِ

بالنوم دون سؤالٍ عن هُوَّيةَ”.

 

لكن .. أرجوك

احتفظ بسطوري كتذكار سعادةٍ

أرجوكَ أيضاً

أنْ تؤجَّلَ الإجابةَ.. وتتأنّى

فكثيراً ما تصنعُ الإجاباتُ السريعةُ

نهاياتٍ لأسئلةٍ كانت عظيمةً فيما مضى!!

وأقولُ لك:

تهربُ القروياتُ من الكلام؛

“اعتدن أنْ يقرأن القلوب”

لهذا أيضاً يلجأن إلى الكتابةِ؛

“المدينةُ ضوضاء/

المشاعرُ تَضِلُّ مواضعَها/

المسافاتُ محكومةٌ بحساباتِ نادلٍ،

وبأصواتٍ متداخلةٍ؛

المجنونُ الواقعيُّ إذْ يصرخُ: “الملايكةْ فيهم سود وفيهم بيض”،

والمجنونُ المجازيُّ الذي يحاولُ أنْ يعيشَ خارجَ السياق”.

أما بعد؛

لا تضعني على الرف

ولا تحتفظ بجسدي في خزانةٍ

أنا لم أُخلقْ لخلودٍ فِج

ولستُ صنماً لمعرفةٍ

أنا شاهدتُ الكذبَ كلَّ يومٍ

ومؤخراً آمنتُ به في حكايات الأنبياء؛

“كانوا يؤمنون بأن الكذبَ خالدٌ

بقدر إيماننا به”.

فلا تؤمن بي

ولا تعبأ بكلماتِ المزدوجيْن

“الملائكةُ- كما قال المجنونُ- فيهم سودٌ وفيهم بيض”.

وامنحني لأصدقائك

لعلهم يعيشون في جسدي.

وختاماً..

لا تغتصب أفواهَ الأصدقاء

ولا تربكهم برسالاتٍ صوتيةٍ تُفسدُ آذانَهم

دعهمْ لعيونهم

واحذرْ عودتهم لسطوري؛

“في العودةِ ألمٌ

كغيابِ الرمل من الصحراء

والماءِ من النهر

والغابةِ من كهف”.

وتذكَّرْ:

كان لي صديقُ تغيَّر جسدُه

فغامتْ مشاعري

فانسحب المطرُ من السحاب

ثم تبخَّرتِ الحياة.

تذكَّرْ أيضاً:

النارُ تحرقُ البيوت

وقد تصنعُ- للأسف- الملائكة.