تحت خمسين ليلاً أسير/ محمد رياض

تحت خمسينَ ليلاً أسير 

لدفئِك المضيء

 بخمسينَ قمرًا متدثرًا بالمخاوف 

من أي شيء 

من كلّ شيءٍ في الحياة

تحت خمسينَ سؤالاً

وخمسةِ اتهامات

بملايينَ من الشموسِ المطفأةِ في روحي

مكللاً بإهانةِ الحاكم

وإثارةِ الفِتَن

تحت إرهابِ النظام

وصلابةِ الزنازين والإجابات

عاشت الحناجر

وعاشت الطبقة

وعاش حبنا

أيامنا وسِعَت جميع الحرائق

وابتعدت

عن الإمكانِ

واتّحدت

في مطلقِ الدّمِ

واستعانت

بمِلحِ المصيرِ

ورملِ الانهيارات

وطمي المذابح

والمستحيل هو ألا نكون معًا 

بعد كلِّ هذا الخراب

لأحكي 

عن الحشراتِ المضيئةِ في الليل

والكراوينَ والنحلِ والقنافذَ وأفراسِ النبيّ

النخلِ والصفصافِ والسيسبان

وأطلقَ الأفيالَ الصغيرةَ في منامِك

بينما تكلّمينَ الكائناتِ السارحةَ خارجَ الحلم

فهل تأخرتِ في النوم؟

وهل كانت السماءُ صافيةً 

لمِزاجكِ الصَبَاحيّ؟

إن موتًا يبتسم بثقة

يكمُن تحت نافذتنا

منتظرًا عينيكِ الإلهيّتين

أرجوكِ أن تحاذري

من سلّم الرّوح إذ تلطّخ بالشعارات

وانتظري

لتصعد الفراشات أولاً

لتكشف الطريقَ

وانتظري

لتسكتَ الطلقاتُ والمبادئُ والأوهامُ الجذريةُ

انتظري

ريثما أعودُ من متاهتي

وأدفنُ موتاي

وأضعُ اليأسَ في حقيبتي

والوطنَ الذي يتمزّقُ ويضيع

وحينئذٍ

نستطيع الانحياز لراقصات الأوبرا

متشابهاتِ القوامِ ذواتِ الحركاتِ الدقيقة

والموسيقي التي تلهث وراء أطرافهن

للقبلةِ الواضحةِ والجماعِ الإلهيّ

معًا يا راحتي

نستطيع العناق على الرمال البعيدة

وتغمرنا الينابيع الساخنة خارج الزمن

معا نستطيع أن ننسي

عذاب السجن دون قراءةٍ

والحيرة النامية كالعليق على وجوهنا

والألم الذي يزرعه النوم على الأرضية القاسية

والنافذة الوحيدة التي تفتح من الخارج

والعقائد التي ننفضها عن ثيابنا كالغبار

فهل أعجبتك العطور؟

وهل صاحبتك الفراشاتُ نحو شهوتنا؟

أحتاجُ المزيدَ من المعارك

لأكملَ قصيدتي

المزيدَ من القصائدِ للقضايا الخاسرة

وأعلمُ أن أسوأ الكوارث

هي التي تجعلنا نغني

أمام صناديق الاقتراع

وأن الواجبَ يملي 

أن نقتل الأزهارَ والمشاعر 

وأن ننكرَ الطفولة والرهافة 

وأن نتركَ البكاء للمترفين 

لكنني أرغب الآن في عناق طويل 

فلقد تأكدت من ضياعي 

وفقدانِ الوطن.