بائعة الهوى/ فوزي معلوف

غَانِيَةٌ مِنْ بَائِعَاتِ الهَوَى

فِي بُرْدَتَيْهَا كُلُّ غَضٍّ جَمِيلْ

كَانَ عَلَيْهَا حُسْنُهَا فِي الصِّبَى

وَيْلًا، فَضَّلتْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلْ

مَالَتْ، وَقَالَتْ: أَنْتَ يَا شَاعِرِي

صِفْنِي، وَقُلْ هَلْ لِقَوَامِي مَثِيلْ؟

أَلَيْسَ غَضًّا؟ قُلْتُ: لَمْ تُخْطِئِي

لَكِنَّهُ لِكُلِّ رِيحٍ يَمِيلْ!

قَالَتْ: وَعَيْنِي؟ إِنَّهَا نَجْمَةٌ

رَجْرَاجَةٌ فِي ظِلِّ جَفْنِي الكَحِيلْ

قُلْتُ: جَمَادٌ كَنُجُومِ الدُّجَى

عَيْنُكِ، لَا رَحْمَةٌ فِيهَا تَسِيلْ!

قَالَتْ: وَشَعْرِي كَالدُّجَى فَاحِمٌ

يَغْفُو بِهِ الصَّبُّ بِلَيْلٍ بَلِيلْ

فَقُلْتُ: لَمْ يَسْوَدَّ لَوْ لَمْ يَقَعْ

عَلَيْهِ مِنْ رُوحِكِ ظِلٌّ ظَلِيلْ

قَالَتْ: وَقَلْبِي؟ إِنَّهُ طَائِرٌ

فِي نَبْضِهِ شَدْوٌ وَفِيهِ عَوِيلْ

فَقُلْتُ: حَقًّا إِنَّهُ طَائِرٌ

فَهوَ عَلَى كُلِّ السَّوَاقِي نَزِيلْ!

قَالَتْ: وَخَدِّي؟ إِنَّهُ وَرْدَةٌ

مَا خُلِقَتْ كَغَيْرِهَا لِلذُّبُولْ

قُلْتُ: هُوَ الوَرْدَةُ، لَكِنَّهَا

مُشَاعَةٌ لِكُلِّ بَاعٍ يَطُولْ!

قَالَتْ: وَجِسْمِي؟ فَهوَ ذَوبُ النَّدَى

قُلْتُ: لَوِ العِفَّةُ فِيهِ تجولْ!

كَانَ نَقِيًّا كَالنَّدَى، إِنَّمَا

أَلْقَتْ بِهِ الشَّهْوَةُ بَيْنَ الوُحُولْ!

قَالَتْ: وَثَغْرِي؟ عِنَبٌ أَحْمَرٌ

لَاثِمُهُ يَعْصُرُ مِنْهُ الشَّمولْ

قُلْتُ: وَلَكِنِّيَ مَا ذُقْتُهُ

يَوْمًا فَلَا أَعْلَمُ مَاذَا أَقُولْ!

قَالَتْ: وَلَكِنِّيَ فَتَّانَةٌ

تُؤْخَذُ مِنْ سِحْرِ جَمَالِي العُقُولْ

فَقُلْتُ: حُسْنُ الجِسْمِ فَانٍ، وَمَا

مِنْ دَوْلَةٍ لِلْحُسْنِ إِلَّا تَدُولْ

غَيْرَ جَمَالِ النَّفْسِ بَيْنَ الوَرَى

فَهوَ جَمَالٌ خَالِدٌ لَا يَزُولْ

فَيَا لَهُ مِنْ مَجْلِسٍ لِلْهَوَى

مَا كَانَ فِيه غَيْر قَالٍ وَقِيلْ!.