الأُمّهات / حميد العقابي

جئنَ من أقاصي حقولِ الحزنِ
تلوحهنَّ شمسُ المراعي وليل الخرافات
بأقدامٍ مشققةٍ كأرضٍ عطشى
ما كُنّأ لننامَ إلا على رائحة (الخضيرة)
ورائحةِ العرقِ الشبقي
كيف تعلمنَ الغناءَ وموسقةَ الحشرجاتِ على عيوننا؟
كيفَ تعلمنَ التحضير للثورةِ واتّقنَّ الخيانات ؟
كيفَ استطعنَا البقاءَ في غابة الآباء الموحشة ؟
………..
لماذا أسكرتنا الأمهات بـ ( ماء الغريب ) ؟
فصرنا نهذي بالوطن
لماذا عتقنَ بكاءنا ؟
فعتقنا فوضانا ونزقنا
لماذا قمطننا بحديدِ براءاتهنَ ؟
ألكي نُحسنَ المشي في الطرقات المعوجة
ونجهل السير في الأنفاقِ السرية للروح ؟
نتشهى السجنَ
ولقد دعونا كلَّ ذوي الشوارب المفتولة والعصي الغليظة
عمومتنا
منحناهم ولاءَنا
فسرقونا حليبَ الأثداءِ ودفءَ الأفخاذ
حتى أبوابَ انعتاقنا سرقوها
مرددينَ ما يمليه وحيُ نبوءاتهنَ
ــ البرقُ الكاذبُ من الغيمِ الكاذب ــ
ــ والبادئُ أظلم ــ
لماذا كل ذلك قد حَدَثَ ونحنُ لم نفطنْ ؟
جئن من أقاصي حقول الحزنِ
تلوحهنّ شمسُ مراعٍ جرداء
وليلُ خرافاتٍ ساذجة

……
أيها الطفل القادم بعدي
كيف تنام
دونما خرافةٍ
أو رائحةٍ شبقية ؟