أن تكون أباً .. لامرأةٍ هي وطنك/ أشرف الجمّال

 

أن تكون أباً .. لامرأةٍ هي وطنك

إلى (غادة)…… وحدها.

…..

 

كيف تُلقّن حكمةَ العصافير للغربان ؟!

وَسْطَ غرفةٍ لبيتٍ فقيرٍ كأنما قُدَّ منه جسدي

هذه الأرملة التي تجري على ثلاثة أيتام وجَرْوٍ صغير

ثوبٌ واحدٌ فقط هو كل ما تملك

مكحلةً وقنديلا شحيحًا زيتُه

وطرحةً سمراءَ تشبه حزن كاتدرائية ماتت أجراسها

وغربةَ القلاع التي عفا عليها الزمان

مَن أخبركَ / سوى النهدِ الذي ظل أربعين شتاءً يبيتُ كضفّةٍ مهجورةٍ

لا أهْلَ له سوى دمعةِ النار في الموقد

وشهقةِ اللهب المجروح لمناجاة الحنين تحت قميصها

هذه الأرملة التي تعمل نهارا, وتحرس أولادها ليلا

أطفالها أبرياء .. لا يعرفونني

يأكلون الخبز بالملح ويُطعمون دجاج السطوح ضحكاتهم الصغيرة

فقط جروها الذي ينبح مُلاطفا كلما مررتُ أمام بيتها

ربما لأنه يشبه قلبي

ليس عجيبا أن يشبه قلبك جَرْواً صغيراً

يسكن بيتَ أرملةٍ طيبةٍ

يحبها ويحب أطفالها اليتامى

تحنو عليه بنظراتها..عميقةِ الحزن..عميقةِ الونس..عميقةِ الترحال

رأيتُ ملائكةً تطرق باب بيتها ليلا

رأيت جدارا يتكلم مع حذائها على العتبة

رأيت أفاعي تتسلق سطحها الخشبي تضع بيضها بين الشقوق

فيفقس يماما

تعرف كيف تُسرّب روحها في رائحة البُن

ودهشة النعناع

و خطفة الشدو لكروانٍ مسافر

وأنا أحاول منذ زمن

قدره أربعون عُزلة..وألف ليلة..وأحلامٌ من حطب

أن أكون النارَ الساهرةَ أمام وجهها الرسولي المهاجر

لحزن الجميز المطرود على أطراف بلدتنا

لرائحة قمح البيادر

لشجنها الواقف فردا / كطاحونة قديمة

في وجه البشر والزمان

هي ابنتي وأمي والدمعةُ والمِرآةُ والجدار

هي الشجرة الكتوم لأسرار منفاي

تلك أنّةُ الحروف تحتَ أنقاضِ الكلماتِ

لِشَيْبِ الفوانيس القديمة بين القباء.

العالَمُ قُنبلةٌ مؤجّلةٌ لإنجاز وردةٍ على كفن

لغمٌ يسكن وحدةَ الصلصال الذي لا يكون إنساناً

موسيقى خالدةٌ لجسدِ أرملةٍ يهرب في وجع ريحانة ٍ

جسدها الرحّال كَسِرْبِ حَمَامٍ يهجر أبراجه

وحدها النارُ تسهر في حيّنا

ولا حريق

سوى خشب الذكرى ….

ليس يتيما … من تربّت رُوحُه

 

في حضن الله.