مساءٌ أطلسي/ وديع أزمانو

على صخرةٍ أنشرُ ساقيَّ ، في جناحي نورسٍ مصلوبينِ من تعبٍ

أنتظرُ المحيطَ ليغمرني ، ليحملني

فالماءُ المالحُ يليقُ بطفولتي

والموجاتُ النحيلةُ على الشَّاطئ ، تشبهُ أخطائي الصَّغيرة

الصيَّادونَ يرمونَ بأرواحهم

لتخرجَ في جسدٍ طريٍّ /

المراكبُ ، أفاعٍ تتهادى /

الرجلُ العاري ، يحاربُ البردَ بالماءِ

والماءُ يسبحُ ،

في ملكوتٍ آخر.

أفتحُ قنينةَ النبيذ

فتطفو فجأةً ! جثةُ شُرطيٍّ تطلبُ بطاقة الهويةِ

ثمَّ تنصرفُ

تطفو جثَّةُ الذاكرةِ ، فتنتشرُ الرائحةُ

وتطفرُ دمعةٌ ،

تكفي

ليغرقَ المحيط !

أفتحُ قنينةِ النبيذ الثانية

فأراني أمشي على الماء

أرى صفحتهُ تلعقُ رموشي

وتغسلُ عينيَّ بالمِلح

أرى صِبيةً يلهونَ بجراءِ الكلِابِ

فيتصاعدُ نُباحي ،

وأعضُّ أصابعي

أرى أسلافي ؛ يحملونَ البحرَ على أكتافهم /

يردِّدون الطقوسَ نفسها

أرى أبي ، يحرثُ في الرَّملِ / يقطفُ النُّجومَ

وتواريهِ الخسارةُ في سريرهِ العجوز

أرى عائشة ، تخرجُ من الزَّبدِ / عروسَ بحرٍ

وأرى ما لا أرى !

أرى إخوتي ؛ كواكِبَ

والقمرَ في أفلاكهم ، ينتحبُ

أراني في غفلةٍ بينَ الماءِ و الضوءِ

ظلاما يشتعلُ

قد كنتُ صغيرهم الذي أهدوهُ

أضاعوهُ في الرؤى

فاضطربتْ في قلبهِ الأصداءُ

ماذا تقولين الآن ؛ يا عائشة

ما الذي ، تبصرينهُ في الرائحة

وجسدي عارٍ

لا يشتهيهِ قميصٌ

دمي انهرقَ في العُواءِ

ولا ذئبَ يشتهيني

عائشةُ وقد فصَّلتني على مقاسكِ ؛

أفشلُ في ارتداءِ الأقنعةِ ، أنا الذي وضعَ جِلدهُ في قُربةِ الدَّمِ وغمسَ أصابعهُ ، أضحكُ في مهزلةِ الآلهةِ وقسماتُ

وجهي تزدانُ رحابةً و رفضا ، أنتهكُ سيرة الجحيمِ و تطلعُ من أنفاسي رائحةُ جهنَّم ، أحملُ النَّار بين رئتيَّ و أمنحُ

السَّلامَ في ضحكةٍ ، تحرقني الكوارثُ وأنزلُ وسادةً للحُلمِ

و الآن ،

بعدَ أن احترقتُ في مجهولكِ

دعِ سلسلةً في عنُقكِ ؛

تقرعُ أجراسَ الجحيم !