أمشي مثلَ بحرٍ قُطعتْ يداه/ ميس الريم قرفول

هلا جدلتَ لي شَعري؟

طويلاً أكثر مما هو

وفي كل التفاتة لخصلة فوق خصلة تخرج منكَ ضحكة

أعرفها من وراء ظهري

إن الأصوات في الرأس القديم ترنّ كما الليرات في صحن الماء الذي عبّأه المطر

ثم مضى عابرا

في رحلاته الممتدة والتي لاتنتهي

ولا تعود.

**

على الضفاف.

“أنا شفّافةٌ جدًّا:

كلّما جلستُ تموّجتُ.

***

جميلٌ أن تبقى ممدَّدًا على شاطئ البحر؛

عندما يسألونكَ عن ارتفاعكَ تجيبُ:

هو ارتفاعُ سطحِ البحر.

وعندما ترى امرأةً جالسةً على كرسيّ،

تتذكّر جبلًا قد يختفي فجأةً…

مثلما ستختفي الآنَ

حين تغورُ تحتَ الرمال.

المنديلُ الأحمر على رأسها!

تتذكّرُ منديلًا تحملُه امرأةٌ كانت تركضُ هناك في الأعالي.

على الجبل،

امرأةٌ أخرى:

جبلٌ حقيقيّ.

كلُّ النساء،

كلُّ الجبال،

على ضفافِ البحر،

وأنتَ مستلقٍ.

***

أمشي مثلَ بحرٍ قُطعتْ يداه

وساقاه،

ولم يتبقّ له سوى الموج.

***

أمشي ثابتةً

محدّدةً،

لا شيءَ سوى الشعرِ يعطيني أجنحةً

هناك، حيث تتحوّل أنفاسي إلى فقّاعاتٍ مُثقّبةٍ في مساحةٍ من ماء

لا تنطبق مع إيقاعي

لكنّها تغمرُني

مثلما فعلَ الهواءُ واقتلَعني في قديم الزمان

من عُنق أمّي

وشقّقها إلى أزهار.

***

السماءُ أمّي،

الغيماتُ أخواتي،

الدخانُ الصاعدُ من الأرض هَمساتُ خلقي؛

في كلّ مرةٍّ أقعُ

أجدُ حفرةً على مقاسي.

مَن أخبرَ الأرضَ أسراري

وجعلَ وجهَها حزينًا،

محفورًا،

مثلَ بُركانٍ لا يشتعل

إلّا لكي يبكي؟

***

خيط ٌعلى ممرِّ الجرح.

في رأس الصخرة البحريّة المدبّب،

كان ينشبُ وجهُ طفلٍ

وكان يعود ليختفي مع الموجة.

هكذا صارت تمرُّ الأحلامُ،

تتمشّى،

على ضفافِ البحر.

***

تدخلُني الشام ويُخرجُني بردى؛

أنا طيرُ المدينة،

والصقيعُ على ثوبِ ثلجِها!

ألثمُها بشفاهي، دمًا ووردًا هالكًا في أصله.

أدخلُ ساحلَ البحر،

وشرفةَ الأزرق المضيئةَ على الشمس،

أنكسرُ قبلَ أن أصيرَ موجةً

ثم أعودُ إلى البلدِ:

خيطًا على ممرِّ الجرح.

***

في العصورِ القادمةِ

سيعود السوريّون إلى أصلٍ ما:

سمكًا،

كما تجري المياهُ الزرقاءُ فوقهم وتحتهم وحولهم،

أو حجراً.”