أحلام القدماء/ سيف الرحبي

 

 

أحلام القدماء

تلك التي تفعمني برائحة

الموتى في السرير

أراهم يختالون في حدئقهم المليئة

بالسناجب

في غسق المقابر

مشيرين إليّ بضراعةٍ وعنف

أن التحق بالقافلة

رغم عواء كلبها الجريح.

وربما غير ذلك

لا أكاد أتبيّن الاشارات

في ظلام المقابر الدامس.

****

عيونهم مَغْمضَة قليلا

يضطجعون على الخاصرة

يفتحون جزءاً منها

كأنما ثقل التراب على الجسد

أحزنهم قليلا

وغياب الأحبة

يتذكرون ميلادهم

في صرخة مباغتة

ولا يفكرون بالقيامة.

****

يتذكرون الدنيا

بأوجه شاحبة

وقلوب مكلومة

كأنما مرّت عليها عربات جلادين.

الطرقات وقد شاخت

تحت أقدامهم

مفعمة بروائح الأجساد التي انهكوها كثيرا

مَسُوقين برغبة الزوال

الزوال الذي لم تساومهم عليه الحياة

التي ساومت في كل شيء

ربما رغبة في التجديد

رغبة في الخلاص

عرين الأسرار الأزليّة

يفقس بيوضه في السلالات

التي تجرجر أثقالها من فيضان

الى آخر.

مسوقين بالرغبة نفسها

التي لا تشيخ مع الأحقاب

الموتى الذين لا يتذكرون موتهم

ويتذكرون الغيمة التي تنزل مع المساء

على الأسطح والجبال

وعلى مراوح النخيل.

****

تلك قصارى أيامهم

ينزل المطر على الصحراء

يصغون لثغاء الماعز

والطيور المهاجرة التي دمّرها التعبُ

فانسكبت في حياض الصحراء

يصغون الى حنينهم

ينفجر مع البرق، صواعقَ

تقصف الطرقات

لبكاء أطفالهم الذين لم يولدوا

للبهجة تعبر رؤوسهم نحو سَمَر بعيد.

للطفولة

يتسلقون ظلالها في الردهة

المظلمة

لعفاريت البيت القديم

ومطاريح المياه.