في طبيعة الأشياء/ لوكريتيوس

 

أضف إلى ذلك أن الطبيعة تحلل كل شيء مرة أخرى إلى عناصرها، ولا تحول الأشياء إلى العدم. لأنه لو أن أي شيء كان هالكا كلية لهلك كل شيء, في لمح البصر حالما اختفى من أمام ناطرينا، ولن تكون هناك حاجة إلى قوى من شأنها أن تسبب تمزق أجزائه وتستطيع أن تفكك أوصاله.
ولكن بما أن بذرة كل شيء خالدة، فإن الطبيعة لا تسمح لدمار أي شيء يمكن رؤيته، حتى تقابله قوة تكون قادرة على تحطيم الشيء إما بالعنف أو بأن تتغلغل داخله من خلال الأماكن الفارغة وتحلله.
أضف إلى ذلك أن أي شيء يمحوه الزمن بتقادم السنين، إذا كان- وهو يستهلك كل مادة- قد أهلكه تماما، وعلى ذلك هل تعيد فينوس الكائنات الحية إلى نور الحياة كلاً حسب نوعه بينما تمدهم بالغذاء؟
وعلى ذلك هل تمد الينابيع البحرمن داخله والأنهار تمده من خارجه، تلك التي تفيض من بعيد؟ وهل يغذي الأثير النجوم؟
لأن كل الأشياء التي لها جسد فانٍ يجب أن تستهلك بفعل الزمن اللانهائي والزمن الفائت ولكن إذا كانت – خلال الفترة الزمنية والعمر المنصرم – هناك أجساد تبعث من هذه الأجساد وتقوم هذه هذه المجموعة من الأشياء المخلوقة من جديد، فلا شك أن هذه الأشياء الموجودة تكون ذات طبيعة غير قانونية. وهكذا فإن الأشياء لا يمكن أن تتحول إلى العدم. خلاصة القول، فإن القوة والسبب نفسهما قد تدمران كل الأشياء بلا تمييز، وذلك إن لم تلصقها المادة الخالدة فيما بينها بمادة لاصقة تربطها بقدر أكثر أو أقل ، إذا إن مجرد لمسة قد تكون بالتأكيد سبباً كافياً لدمارها، نظراً لأن لا شيء من هذه الأشياء سيكون ذا جسد خالد، فأي قوة سوف تبدد بالضرورة نسيجها الداخلي. لكن الأن ، بما أن الروابط التي تربط العناصر فيما بينها مختلفة، ومادتها خالدة ، فإن الأشياء تظل باقية في الجسد السليم، حتى تقابلها قوة عنيفة بدرجة كافية فتؤثر في النسيج الداخلي لكل منها. وعلى ذلك فلا شيء مهما يكن يصير إلى العدم، ولكن كل الأشياء تعود بالانفصال إلى عناصر المادة. أخيرا فإن الأمطار تنزل بلا رجعة، حين يكون الأثير الأب قد قذفها في رحم الأرض الأم. عند إذ تظهر المحاصيل النضرة، وتخضر الأغصان فوق الأشجار

في طبيعة الأشياء/ لوكريتيوس ص” 109/110″
ترجمة: علي عبد التواب علي_ صلاح رمضان السيد_ سيد أحمد صادق

المركز القومي للترجمة