محوكِ وإثباتكِ/ هشام محمود

 

 

أَمَازِلْتِ – عَلَى البُعْدِ –

قَادِرَةً عَلَى أَنْ تُعَبِّئِي الهَوَاءَ بِرَائِحَتِكِ؟

وَتُطْلِقِي عَصَافِيرَ فُضُولِكِ فِي أُفُقِي..؟

بَعْدَ أَنْ جَرَّدْتِ مِنِّي قَوْسَ قُزَحٍ،

فَأَصْبَحَ شَاحِبًا كَالسُّؤَالِ،

مُتَهَرِّئًا كَإِجَابَاتٍ لَا مَعْنَى لَهَا.

أُوقِنُ أَنَّكِ ثَوْرِيَّةٌ بِدَرَجَةٍ كَافِيَةٍ لإِسْقَاطِ مَلِكِ عَنْ عَرْشِهِ،

وَلَكِنْ بِقُبْلَةٍ وَاحِدَةٍ..؟!

تُصَدِّقِينَ أَنَّنِي مَازِلْتُ أُحِسُّ طَعْمَ قُبْلَتِكِ بِكُلِّ تِرَاجِيدِيَّتِهَا..؟

وَأَنَّنِي مَشْدُودٌ جِدًّا لِفَضِّ اشْتِبَاكٍ تَقْلِيدِيٍ بَيْنَ عَشِيقَيْنِ هَزَمَتْهُمَا التَّجْرِبَةُ..؟

كَانَتْ قُبْلَتُكِ هِيَ الأُولَى،

وَمَازَالَتْ الأَخِيرَةَ القَادِرَةَ عَلَى أَنْ تَحْضُرَ فِي الذَّاكِرَةِ،

بِحَيْثُ تَتَلاشَى أَمَامَهَا كُلُّ التَّفَاصِيلِ.

كُنْتِ مُثْقَلَةً بِتَرَاكُمَاتِكِ وَنُضُوبِكِ،

وكُنْتُ بَارِعًا فِي تَقْشِيرِكِ،

وَإِيقَاظِ تَحَوُّلاتِكِ،

وَمَحْوِكِ وَإِثْبَاتِكِ.

هَلْ تَعْرِفِينَ لِمَاذَا..؟

رُبَّمَا لِأَنَّنِي الوَحِيدُ الذِي هَزَمَتْهُ امْرَأَةٌ بِقُبْلَةٍ وَاحِدَةٍ.

مُجَرَّدُ قُبْلَةٍ وَاحِدَةٍ سَاخِنَةٍ وَلَذِيذَةٍ،

كَانَتْ كَافِيَةً لِذَبْحِ كُلِّ مَا بَيْنَنَا مِنْ فَرَاشَاتٍ،

وَعَصَافِيرَ مُلَوَّنَةٍ،

وَطُفُولَةٍ مَلْسَاءَ نَقِيَّةٍ،

لَمْ تَسْتَطِعْ تَجْرِيدَ الدَّهْشَةِ مِنْ مَلَامِحِهَا،

وَهَزِيمَةَ هَذَا الخَارِجِ المُرَاوِغِ.

هَلْ بَكَيْتِ فَقَطْ لِمُجَرَّدِ أَنَّ أَصَابِعَ تُحِبِّينَهَا،

تَمَنَّيْتِ لَوْ تَحَسَّسَتْ آثَارَ الدَّمْعِ عَلَى خَدَّيْكِ..؟

أَمْ لأِنَّ كِيمْيَاءَ المَشَاعِرِ فَرَضَتْ تَفَاصِيلَ جَدِيدَةً،

لإِثْبَاتِ حَنَانٍ مُفْتَقَدٍ..؟

الهَوَاءُ الذِي طَافَ مِنْ حَوْلِهَا،

وَتَخَلَّلَ خُصْلَاتِ شَعْرِهَا،

وَمَسَامَّهَا،

كَانَتْ قَدْ مَنَحَتْهُ سُخُونَةً لَافِحَةً،

لِمَاذَا أُحِسُّهُ الآنَ مُنْطَوِيًا وَبَارِدًا..؟

وَالظَّلَامُ الذِي لَفَّنَا كَنَجْمَتَيْنِ،

أَوْ كَغَيْمَتَيْنِ،

أَوْ كَوَرْدَتَيْنِ،

فِي عِنَاقٍ بَدِيعٍ،

لِمَاذَا يُعَلِّقُنَا الآنَ أَنَا فِي السَّمَاءِ،

وَأَنْتِ فِي التِي تَلِيهَا،

فَقَطْ ……

بَيْنَ سَمَاءَيْنَا سَبْعُ أَرَاضِينَ.