ما زلتُ كذبةً بيضاءَ/ ريتا الحكيم

 

 

لأنَّني أرتقُ بكَ جُرْحَ السَّماءِ

خَلَعْتُ رِداءَ كذبةٍ بيضاءَ مَنْسِيَّةٍ على رُفوفِ الذّاكِرَةِ

وغطَّيتُ بهِ ظِلَّكَ

ظِلُّكَ الذي لا يكفُّ عن التَّواري كُلَّما تثاءبَ اللّيلُ

من كُوَّةِ زنزانتي

لم أكنْ أعرفُ أنَّ الظِّلالَ بلا هُوِيَّةٍ

وأنَّني أتعقَّبُها لغايَةٍ عَصِيٍّةٍ على فَهمِ الجَسَدِ

حينَ يسكنُهُ الصَّمتُ

ويَبني فيهِ مملكتَهُ

أنا المحشورة بينَ أضلاعِكَ المُهشَّمةِ

أبحثُ عن نَوايا صافيةٍ

تُشبِهُ ضوءَ الفجرِ

وماءَ النَّهرِ

لا تكلُّ أصابعُ فُضولي مِنْ تقصِّي حقيقةِ

أنَّني وُلِدتُ وفي قلبيَ جرْعةُ حُبٍّ فائضةٍ عَنْ خَفْقِ القَلْبِ

وأنَّني مُتَّهمةٌ بِتَرَفِ العاطفةِ

في مساحةٍ لا تتعدَّى ثقبَ إبرةٍ

كنتُ أنوي أن أرتديَ صوتَكَ لأُحيلَ حُزنيَ على التَّقاعُدِ

لكنَّني بلا مُوارَبةٍ تركتُ العُمرَ ينزلقُ على زواياكَ الحادَّةِ

وكتمتُ صراخَهُ بِحَفْنَةِ قَمْحٍ

لم يُكْتَبْ لها أنْ تغدوَ رغيفَ خبزٍ يَسُدُّ رمقَ الأيَّامِ

ها أنا مِنْ جديد، أحبو على تُخومِ ظِلِّكَ

لأخفيَ فيهِ أحجياتِكَ

وأعيدَ النَّظرَ في يقينِ وجودي

كنتُ أبحثُ عنْ تميمةٍ تُبطِلُ سِحرَ الموتِ البطيءِ

لأغدوَ شجرةً شَبَّتْ عن طَوْقِ الغابةِ

ووقَعَتْ أسيرةَ نحَّاتٍ

نسيَ إزميلَهُ وغفا تحتَ أقدامِ تمثالٍ لمْ يَكتمِلْ

لكنَّ العُمرَ قليلٌ

وأنتَ أكثرُ مِنَ الكثيرِ

وأنا، بينَ قليلِهِ وكثيرِكَ

كذبةً بيضاءَ عارية