قصائدُ الوادي الصاخبِ/ سالم أبو شبانه

 

 

سلفادور دالي هنا علي البحرِ..

 ..

سلفادور دالي يتسكّعُ على شاطئِ البحرِ

هنا في مدينتي الصغيرةِ.

الشمسُ القويةُ،

الساعاتُ التي تذوبُ، الرصاصُ.

هناك زُرافةٌ ترفعُ عنقَها على أعوادٍ من الخشبِ

ودالي يبرمُ شاربَهُ،

ويفكّرُ أين رأيتُ هذا من قبلُ؟!

في شارعِ البحرِ المدرّعاتُ تمرُّ مسرعةً

والتوجّسُ يدوّمُ في الفراغِ كفقاعةٍ،

الكلبُ الأندلسيُّ لا يظهرُ هنا؛

ربّما كان دالي مشغولاً بجالا،

أو أنّ الحربَ لا تزهرُ إلا في قلبِ الوردةِ

والتعصبُ طوي البحرِ بغلالةِ الدّمِ

دالي يتمخطرُ وهو يحدّقُ في المارّةِ

لو معي قلمُ رصاصٍ لرسمتُ الحربَ

بعيدًا قربَ الصحراءِ.

رجلٌ يجلسُ قربَ النافورةِ المهدّمةِ وحيدا.

**

الحبُّ زمنُ الحربِ

..

أحبُّكِ جوارَ الحربِ في الليلِ المضيءِ

بالقنابلِ الضوئيّةِ وطلقاتِRpj

والألغامِ المتفجرةِ عن بعدٍ

أحبُّكِ في الشوارعِ المزدحمةِ

وأفتحُ ذراعيّ حين ألقاكِ فجأةً

أحبُّكِ حين تنقطعُ الاتصالاتُ

وحين تعودُ مشوشةً

أحبُّكِ في الوقتِ والتاريخِ الاستثنائيين

أحبُّكِ زمنَ الحربِ

حين لا حبَّ يزهرُ تحتَ المدرعاتِ

ولا في الشققِ المغلقةِ علي الرعبِ..

أحبُّكِ زمن الحربِ!

وأحبُّكِ؛ لأنّني وحيد في الصخبِ!

**

امرأةٌ في الخريفِ

..

* تحليل نفسيّ

 

تجلسُ عصرًا في شرفةِ البيت، بين يديها كتابٌ باهتٌ، عن سيرةٍ تافهةٍ لرجلٍ حوشي في المغربِ البعيدِ أدّعي أنّه حرّ. لذلك تظنُّ أنّها حرّةٌ وهي لا تملكُ مِفتاحًا لبابِ البيتِ، ولا تنظرُ في وجوه المارةِ، تجلسُ في شرفتها تهاتفُ رجلاً عن الحريةِ الانطلاقِ. بعد قليلٍ تغلقُ بابَ الشرفةِ، وحيدةً بلا كتابٍ وبلا رجلٍ تهاتفُهُ عن الانطلاقِ والكتبِ.

* الحربُ في الكتابِ

..

تقفُ الآن في المطبخِ تقرأُ روايةً عن عاشقين افترقا بلا مبررٍ سوى الحربِ. تصنعُ الطعامَ وهي تبكي رجلاً اختفى بلا سببٍ، سوى خوفِها من الشارعِ المزدحمِ.

رجلاً صرختْ في وجهِهِ: لابدَ أن نفترقَ. لأنَّ الحربَ التي تدورُ في الكتابِ طالتْ بوابةَ بيتِها؛ فصارتْ تبكي بلا مبررٍ ظاهرٍ تفهمُهُ أمُّها الحزينةُ.