فى الأربعين تجاوزتنى الرسالةُ/ سامى سعد

لو صعدتُ مرةً للشمس ،

لاأُ حب أن اهبط للأرض ثانيةً ،

 لو تذوقت شهداً صافياً لن يتذوق الماءَ جوفي ،

 لو أحببتُ أمرأةً ذات حلمٍ بهي، لن يمكنني أن أعود صديقاً ،

دروبي طويلةٌ وواحدةٌ ،ولاعين لي في الظهر ،

إذا دخلتُ أوغلتُ..

 وأذا خرجتُ نأيتُ ،

 أنا الذي أهب ذاتيَ كاملةً ، لاتشبعني الأنصافُ..

 ومن يمنحني نصف نظرةٍ ، أمنحه عمايَ التام ،

 وفي وحدتي متسع للوضوح؛

 البحرُ لم يفارق الأرض، ولاالسماء أشتهت الهبوطَ ،

 والخارج محترق لامحالة ،

 يذبل الوردُ من الظمأ ، ويموت الحب من الإهمال..

تبكي النساء، وتنسي..

 ويضيق صدر الرجال، فيمرضون وحدهم ..

الأطفال يضحكون، والشعراء في طور ذكور العناكب ،

 للمورفين مزاياه، وللوجع مساراتٌ خفيةٌ ،

، بعد منتصف الليل تشتعل الذكرياتُ والحقائقُ ،

 تنام السفن علي أرصفةٍ باردةٍ ،

 ويتسكع الحلم..

قبيل الفجر : يؤذن ديكٌ لنهارٍ قديم ،

تتهيأ أقدامٌ للغوص في الوحل ،

 هذا الهراءُ قديم / سخيف، لكن العجلةَ لن تكف عن العمل ..

مازالت أمهاتٌ كبيرات يخدعن أطفالَهن عند الفطام بحصواتٍ مُرٍّ وأغانٍ ،

 كان أبي يحب بسالةَ الذئاب ، وأنا صارت عيوني ذئبةً ..

حين ينطلق السهم لايرقص في الهواء ،

وحين يصطدم النجم بالأرض يذوي ،

الحساب آفةُ التاجر والمحب ،

وفي الأربعين تجاوزتني الرسالةُ .. فعدت أدراجي لللهوِ..

 أنا مختلطٌ كترابِ الأرض القديمة،

 وفي كل وقت جاهز للأشتعال ،

 كثافتي أريجُ ليمونةٍ ، وخطوتي شراعُ زورقٍ للتائهين ،

لاوطن لي ، ولاحلم يشدني من عيونى ،

زماني قصير وثقيل .. وأيسر عذاباتي الرحيل،

 تفتَّتتُ في تجاعيد العابرين.. ولي خِلّانٌ في شوارعِ مدنٍ غارقةٍ،

 يعرفني سرطانُ البحر ، وخنافسُ حمراءُ تقطن ذاكرتي ..

تعالجني الرياحُ والشمسُ.. تجف جراحي بفعل الرماد والتعاويذ..

 ولي في كل ليل وسادةٌ،

 موزع كحكمةٍ قديمةٍ ، ملمومٌ كلُغْم .. وبالكاد أتجول في حديقةِ جلدي ،

 قرأت عن السمندل والعنقاء، وشاهدت أسطورةً تمشي حافيةً..

 زرعتُ أشجارَ سرو ونارِنجٍ، فطارت روحي علي قبابٍ من شذي ..

ولي ولع بدخان القطارات الأسود ، كل أسودٍ أنا له شريكٌ..

 فيما الأزرق يهمس بخجل أنثوي ..

في كل قبلةٍ رائحةٌ للمشمش، وأسفلَ العانة ساحاتٌ لكهرباءِ الحلم ..

وعليَّ أن أعرف شيئاً ، وأنسي أشياءً .

علي أن أمضيَ بهدوءٍ ، حتي أصلَ الأشارةَ..

 وعلي قلبي أيضاً .. أن يغفوَ قليلاً ،

ويتركَ للحمام الغناء .