(0)
الصحراء معلقة فى أعلى سقف الغرفة
لا توجد سماءٌ
ولا أرض
يوجد فقط ممر غامض
يربط بين زمنين
أحدهما يمحو الآخر ..
&
الزمن الذى حاولت حبسه داخل صحراء، داخل زجاجة، داخل يد تعصر رقبة المكان؛
ينهار من السقف ليملأ صحراء أخرى على أرض الغرفة.
…
أقلب جغرافيا الغرفة لتصير أرضُ الغرفة سقفا
وينهار الزمنُ مجددا داخل نفسه
وهو يعبر كلاجئ من ممر،
يفصل بين رئتيه.
(1)
أربى قططا فى ورشة النجارة،
قطط تستعمل الأخشاب كبيت صالح لإعادة البناء
لا تندهش من الفوضى التى تغيم المكان كرائحة حرب حقيقية،
تتخيل القطط أن هناك غابة تهرب من الخارج وتأتى إلى هنا
كى تمنح لها انتماءً بديلا عن وطنها المسلوب،
أربى قططا،
تصلح أيضا لبناء علاقة بيولوجية،
قائمة على دفء قديم موشوم داخل الذاكرة
حين كنا فى زمن ما قططا تهرب من أعدائها الحتميين
قبل أن تأتى إلى هنا حين تشم رائحة غابة ما،
تحمل رفات أمهاتها الخائفة .
(2)
مهووسا بالقتل..
حتى أننى أرى جثثَ عائلتى مرمية فى الشوارع
التى تلتهمها حربٌ ما..
وأرى فى حلم أننى من قتلت أبى..
أمى تشتهى أن تصير جذعَ شجرة
لذا انتزعت منها رأسها
وبقى رحمها العريض الضخم كآلية
لغرز البلطات والسكاكين وحواف العظام المدببة..
أخى كان يركض داخل خوفه اللامتناهى
كيف يرى قيامة مثل هذه
وهو يقدم قربانا إلى الله
كى يرسم طريقا آخر إلى الألم
دون المرور بشجرة تفاح
تسكنها دودة العائلة!
لا أتذكر كيف اشتعلت أسبابها الغامضة
كيف تتحول البيوتُ لفخاخ لاصطياد الجيران الطيبين،
كيف ننصب متاريس فى الميادين،
ونقنص كل من يشبهنا بالرصاص..
نحاول أن نتخلص من ملامحنا التى نراها دائما فى وجوه أعدائنا
ولذا اخترعنا الكراهية
كوسيلة لنقض الذات.
كيف اشتعلت تلك الحرب فجأة..
أنا المهووس بالمرايا التى تعكس رغبتى العارمة فى الانتقام
كلما رأيت وجهى تملؤه شروخ
من تحطم قديم
داخل وعى سابق .
(3)
الأمر يشبه النزول داخل بئر
كيف كان يوسفُ يخلق ذئبه الخاص !
(4)
المدينة تمشى داخل عروقى مثل نمل سام
تقودنى غريزة الهرب نحو الحب
نحو اصطفاء امرأة نعرف سويا كيف سيمتلأ جسدانا بدمل الزمن
ونحن لا نملك سوى العناق طويلا داخل مرايا العين
التى تشبه سردابا
يقودنا بغريزة الغموض نحو ترويض الكراهية
تشذيب الحواف من الأسباب المعقدة
شم رائحة الجنس داخل وردتها البدائية
تعرية الأنامل من الأظافر
لنتبادل سوية الألم بشعوره الأولى
كى نحس بالسعادة ونحن نهزم انطفاء العالم داخل كهفنا الحتمى.
كيف سنخرج من رحم التلصص دون أن نمنح للرب فرصة لمتعة التفاصيل الخفية..
كيف لى أن أصل إلى شيخوختى
دون أن أفقد ذلك الطفل
الذى ترك فى يدى يده
لأظل أبحث عنه
بلا جدوى .