صلاة أخيرة/ وديع ازمانو

 

 

 

 

 

“الانسان كائن حي يسير على قدمين ، ناكر للجميل”

دوستويفسكي

“ما الانسان إلا كائن ينبغي التفوق عليه”

نيتشه

……

الانسان فوضى تسيلُ

على صورةِ اللهِ

مذُ ضجره أوَّل

إلى آخرِ ثمرةٍ

تحترقُ في الحقول

/

الانسان فرحُ الله الطفولي

وخطئيتهُ الفادحة

/

تطوَّر الانسان

إلى أن صار وحشا أخيرا

أسقطَ الله من عرشهِ

والتهم بأنيابَ ذكية

قلبَ الملكوت

/

ليس الانسانُ

كلمة الله

بل دمعتهُ

لا تسعها بحارٌ و كلمات

/

سقط الانسان

سقط كثيرا

ليصعد في صاروخٍ

يثقبُ المعنى

/

لن تنقذ الآلهة نفسها

من شرٍّ الانسانِ الماتعِ

حتى

وإن افتدت الكونَ

بأعناقها

/

أذبحُ نفسي

لأنتصر على موتِ انسانٍ

يمشي بين عالمينِ

خرابا

/

في زمن مضى

التحق الانسانُ

بسفينةِ طوفانٍ

حملها على كتفيهِ هزيلتينِ

ودفعها بأنفاسهِ حارةً

فلَّما كانت يابسةٌ

أحرقَ الجميع

أرضا

و

سماءً

/

يفيضُ دمٌ

لا يشربهُ

غير لسانِ الانسانِ

نهرا من حروبٍ

/

تشرقُ شمسٌ

لا تراها أرضٌ دائخة

تشرقُ دماءٌ أخرى

من جراحِ اللَّه

والانسانُ

طعنةٌ تزهرُ

من ضلوعِ الكونِ مكسورةً

/

لم يمتهن الانسانُ غير الذبح

والعالمُ مسلخٌ

فليساعدني اللهُ

أو الشيطان

لأنجو

بكلِمتي

/

كلُّ الكائناتِ

تعبرُ تحت الشمسِ

سوى الانسان

يصعدُ فوق شمسٍ و قمرٍ

ويذيبُ بغريزةِ وحشٍ خرافي

وجه الحياة

/

أيها المسيح الذبيح

يا موسى القوي

و يا محمد اليتيم

أنقذوني

من كرسيِّ الاعترافِ ، هذا

من كرسي جحيمٍ

تلتهمهُ نار الانسانِ ، لا غير

أنقذوني

من جوعِ عالمٍ

يلتهمُ أحشائي

من الرذيلة و الجشع

من الحقد و الطمع

من معسكراتِ اعتقالٍ

وطقوسِ تعذيبٍ

أنقذوني

من الانسان

يربو رأسا نووية

/

الضجرُ و ضُحاهُ ،القبوُ و سماهُ ، الليلُ و مداهُ

وأنتَ ، بلا إله أو انسان

تقشِّرُ عظامكَ

أيامُ الوجود

/

يتكئونَ على عمودِ إنارةٍ

وظلالهم

مشانقُ

تتمدَّدُ

في جثَّةِ ليلٍ

/

لا أُشعلُ مصباحا في واضحةِ نهارٍ ، وإنما أثقبُ عين شمسٍ ، شاحبا كليل و ماءٍ أنزلُ إلى أحشائي و أضيئها بصعقة الويسكي رخيصا ، و لا يوجدُ أحدٌ هناكَ ؛ في بطنِ سماءٍ أو في رحمِ أرضٍ

لا أثرَ لبشرٍ و آلهةٍ ، أسمنُ بجوعي ، وأتمرَّغُ في سديمٍ

وبدونِ نهايةٍ أغادرُ

بشريةٌ تنزعُ جلدي و تقرعُ في طبولِ حروبٍ

ثقوبي

أغادرُ ، لهبٌ يترقرقُ في قلبي

وأنفاسي

تدفعُ سجَّادة ريحٍ ، نحو

صلاةٍ أخيرة !

……….

…..