لي يدٌ ثالثة
تفعل عنِّي ما لا أجيده
تلوِّح للراحلين كلما استعصى علي ذلك
وتُنْبِتُ من عودي شجرة كلما تحلَّلت
أنا امرأة بدائيَّة جِداًّ،
أعطي كبدي لمن يقدح نارا في مرار أيامي
وأمارس الحياة كرغبة أولى وأخيرة
كنَّا نكتب يومياتنا على جدران الكهوف التي لم يتعرف عليها أحد
نسمع الوادي صرخة الوعل عند اللذة
تجمع لي باقة ورد من صغار الصَّبار
وأصنع لك مرهما لحروق الشَّمس من زهورها
بينما يفكر آخرون في العمر الجيولوجي للصُّخور،
كنا معا نصنع الخُبز والزَّيت
نصنع الشُّموع والأغطية
نصنع الأبواب والنوافذ
والريح التي تهز النوافذ
صنعنا الفرح والصُّراخ صنعنا الفزع والحَنين
كان ينقصنا الكثير قبل أن نصنع اللُّغة
لذا انتشينا بالكتابة على الأحجار
على ظهورنا وعلى جلُودد الحيوانات
بعدها صنعنا الورق والأقلام
ثم صنعنا المَمَاحي التي يستلذها التاريخ
المَماحي الطيّبة التي تمحو آلامنا وخيباتنا وخطايانا
أسماؤنا كنا نردِّدها صلوات آخر الليل
وأول الصباح
كم مكثنا هناك
بينما نأكُل بعضنا كل ليلة
ونصنع بعضنا كل ليلة
وننزف بعضنا كل ليلة
ونجعل لنا آلهة في السماء والأرض
تلهو بإعادة خلقنا
حتى غدت جلودنا شفافة وبلورية
وتقطرت الدماء في أوردتنا
كما يقطر الدواء في زجاجات المصانع
قطرة تلو قطرة
قطرة تكسِر قطرة
حتى تكوّن التِّكرار
ثُمَّ صنعنا الصَّمت
صافياًّ وحزينا كعينيك
وبرقة هائلة نال من كل صنَائعنا
أكل الفرح والصُّراخ
أكل الفزع والحنين
وفتح في قلوبنا هوَّة عميقة
في خُطوة غير مفهومة
جاء النَّدم متأنيا
لبد في السِّر مع الصَّمت
لم ينتبه أحد متى جاء ومتى غادر
ترك خدوشا ظاهرة
مثلما تترك الطيور آثارها على رمل مبلل
ترك الكثير من الكلام في الفم
لكن لم يترك لنا شيئا لنقوله.