سيدة الأيقونات الشريرة/ جورج ضرغام

 

اللص « مان راي » سرق وجه « جبران خليل »، وملابس السيدة الباريسية. وضعهما على الكاميرا كمناشف مطهرة لمسح عرق الشعراء حين يمرون

 من أمامه بعد الحرب عراة وكاذبين…!

وحين ذهبتُ إليه لآخذ تذكاراً لوجهي، وأعلقه مهترئاً على  صدر

حبيبتى كتعويذة قديمة للحزن. صوّب الضوء الأبيض على رأسي

 كقذيفة وضحك.

وضعتُ يدي لأتحسس النزيف، وقلت : ما هذا

ذبابةٌ بيضاءُ هذه، أم سربُ نهودٍ طازجةٍ  ترفُّ بمخيلةِ الشعراء…؟

قال : لاشئ.. إنها فقط رأس امرأة بمنقارِ بجعةٍ حزينة

جاءت لتلتقط شظايا الحرب، وعظامَ النساءِ اللاتى متن

 في عينيك، ثم تعودُ دافئةً لثلج النسيان.

آلةُ التصوير حمقاء.. لم تقدم شيئاً في الألبوم غير أصنامٍ تضحك، ثم تبكي

عندما تدخلُ شفاهٌ إلى عزلتها  بين البراويز،

وتنتحرُ كالورد المهزوم.

تماثيلٌ للروح هشةٌ، مغطاةٌ بوشاح من رمادِ قُبلةٍ مكسورة 

حين تمسها أصابعُ الحنين، ومناقيرُ طيورِ الرحمة

تتفتتُ كدقيقِ الذكريات.

أيقوناتٌ مهجورة خَبَأت موتانا خلفَ زجاجِ العتمة،

واستسلمتْ  لذباب الحائط.

أو ذكريات ملونة بتفجيرِ فراشةٍ في المخيلة…

أكرهُ الصورَ بالأبيضِ والأسود،

وأريد عينَ أمي خضراء كثيابِ الحديقة.

للمرأة العارية دورٌ في الألبوم :

تنامُ في أول الحُلم ،

تُشيرُ بصوتِ أرقها، فأعرِفُ سريري وأذهب للرؤيا

 واثقاً من  شبقِ سحاب .

للملائكةِ دورٌ :

تُجردُها من الثيابِ بلطفٍ،

 لتصنعَ من خيوطِ غرائزها جناحاً أنيقاً

 يليقُ بحراسةِ السهرة من كوابيسِ الحرب.

للمرأة دورٌ، وللملائكة دورٌ، وللشياطينِ دورٌ، وللإله الهدوء…

الذي يشبه المسيحَ ليلة الجمعة

كان خالياً من تجاعيدِ الإصحاحِ الحزين،

صلب وجههُ بين نهديها بمساميرِ لحيته القصيرة

كي يُثبِّت ذاكرته في رغبتها بألمٍ خفيف

أما المجنونةُ التى تشبه « Alice Prin »، وتكره الليل

 فقد قذفتْ القمرَ بنهدها،

فقذفها بالحليب…

– مان راي به شبه كبير من جبران، دون شارب

– أليس بيرن .. سيدة باريسية عملت موديلاً لكثير من السورياليين وأشهرهم “مان راي”.