سوف يُطلب منك دائماً
أن تنحني
لتُمررَ ما يُجنى من قداسة
عن هؤلاء المصفوفين بطول التاريخ
إلى يومنا هذا
حتى وإن قلت
إنَّ صدرك لا يتسع لكلِّ هذا العدد
ويكفي اثنان أو ثلاثة
لتربح معرفةَ الكبارِ بأكتافِهم الأسطورية
وبحكمةٍ مُدانة
من سقراط إلى أفلاطون إلى بوذا إلى الفارابي إلى ماركس
ولا تفتح بابَ المخزن أكثر
فتصبحُ مُداناً بإطلاقِ سراحهم
إلى حيثُ يُتلفون رأسكَ المعبأَ بالبقرِ الوحشي
ويدهمون المدنَ والقرى بأرديتهم الثخينة
فلا نعود أحراراً من كلِّ فكرةٍ تأسرنا
نحن الذين وِلدنا بحاسةِ الخوف
ونود أن نموت بها
بريئين من سؤال القيامة
عمَّا إذا كنا قد قرأنا
على سبيل السخرية.. المدينةَ الفاضلة
أو إن رأس المال
يقول شيئاً لا نعرفه عن.. الفقر
هذا الذي يبدو بسيطَ الفهمِ على موائدنا
ولم يكن فرانسيس فوكوياما
يكتبُ عن نهايةِ التاريخ والإنسانِ الأخير
وإنما كان يرسمُ صورةً شخصيةً لمأساته
ويدفع هيجلَ أمامه بفكرةٍ لا نفعَ فيها
عن الكرامةِ الإنسانية
تلك التي كما نعرف
لا تعيش مع الفقرِ في بيتٍ واحد
وكنتُ قد تخلصتُ مبكراً من كلِّ هؤلاء
مُكتفياً برفقةِ أعصابي
تغنيني أيضاً عن الأنبياءِ وكتبِهم المقدسة
وترأفُ بي قليلاً
حين لا أفهمُ إلَّا القليل
عن الطاو أو نظريةِ الأوتارِ الفائقة
أو أُمعنُ في اصطيادِ أسماكٍ
أعرفُ جيداً أنها نافقة
حين أراكمُ كباراً يعيثون فساداً في رأسي
بوهم أنَّ النعومة
يتيحها المرورُ بدأبِ فأرٍ
من الألواحِ المسماريةِ إلى مخطوطاتِ البحرِ الميت
إلى مكتبةِ الكونجرسِ الأمريكي
حيث يتبارى الكبارُ والصغارُ في دعوتك
لتلقي نظرةً متأنيةً أو سريعة
على تفاهاتهم
وكنتُ سأختارُ بعضَ الكبار
وبعضَ الصغارِ أيضاً
لمؤازرةِ قلبي بالقليلِ من الرقة
كأن أذهب سعيداً إلى النفَّري
أو أدعو رجلاً مثل هنري ميلر على كأس نبيذ
أو أجلس مع هيرمان هسِّه
لنلعب معاً بكرياتهِ الزجاجية
أو أعانق ديستوفسكي في منزلِ الأموات
أو أكتفي بقراءةِ سطرين أو أقل
من نشيدِ الأنشاد.