أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا
إنّ الدموع على الأحزان أعوان
لا عذر بعد تنائي الدار من سكن
لمُدّعي الوَجدِ لمْ يَدمَعْ لَهُ شانُ
حَيِّ الطّوَالعَ مِنْ نَجدٍ تَصُونُهُمُ
عَنِ النّوَاظِرِ، أنْماطٌ وَكِيرَانُ
رَمَوْا جُيوبَ المَطالي عَن مَيامِنِهِم
وشيجة الحزن يسراهم ونجران
سارت بقلبك في الأحشاء زفرته
وَاستَوْقَفَتكَ بأعلى الرّملِ أظعانُ
لمّا مَرَرْنا على تِلكَ السُّرُوبِ ضُحًى
نَضَتْ إلى الرَّبعِ أجيادٌ وَأعيَانُ
من كل غيداء قد مال النعيم بها
كَمَا تَخَايَلَ بالبُرْدَينِ نَشْوَانُ
كأنما انفرجت عنهم قبابهمُ
يوم الأُنيعم آجال وصيران
مُستَشرِفاتٌ يُعَرّضْنَ الخُدودَ لَنا
كمَا تَشَوّفَ صَوْبَ المُزْنِ غِزْلانُ
لا يذكر الرمل إلاَّ حنّ مغترب
له بذي الرمل أوطار وأوطان
تهفو إلى البانِ من قلبي نوازعه
وَمَا بيَ البَانُ بَلْ مَنْ دارُهُ البَانُ
أسدّ سمعي إذا غنَّى الحمام به
ألاّ يُبَيّنَ سِرَّ الوَجْدِ إعْلانُ
وربّ دار أولّيها مجانبة
وبي إلى الدار أطراب وأشجان
إذا تلفتُّ في أطلالها ابتدرت
للعَينِ وَالقَلْبِ أمْوَاهٌ وَنِيرَانُ
كَلْمٌ بِقَلْبي أُداوِيهِ وَيَقْرِفُهُ
طول ادّكاري لمن لي منه نسيان
لا للّوَائِمِ إقْصَارٌ بِلائِمَة ٍ
عن العميد ولا للقلب سلوان
عَلى مَوَاعيدِهم خُلفٌ، إذا وَعَدوا
وَفي ديُونِهِمُ مَطْلٌ وَلَيّانُ
هُمْ عَرّضُوا بِوَوفَاءِ العَهْدِ آوِنَة ً
حتّى إذا عذبوني بالمنى خانوا
لا تَخْلُدَنّ إلى أرْضٍ تَهُونُ بِهَا
بالدّارِ دارٌ، وَبالجِيرَانِ جِيرَانُ
أقُولُ للرّكبِ، قد خَوّتْ رِكَابُهُمُ
من الكلال ومر الليل عجلان
مُدّوا عَلابِيَّها. وَاستَعجِلُوا طَلَباً
إذا رضي بالهوينا معشر هانوا
نَرْجُو الخُلُودَ، وَباقِينَا عَلى ظَعَن
والدار قاذفة بالزورِ مظعان
إنْ قَلّصَ الدّهرُ ما أضْفاهُ من جِدة ٍ
فصَنعَة ُ الدّهرِ إعطَاءٌ وَحِرْمَانُ
كم من غلام ترى أطماره مزقا
وَالعِرْضُ أملَسُ وَالأحسابُ غُرّانُ
إذا الفَتَى كَانَ في أفْعَالِهِ شَوَهٌ
لم يُغنِ إنْ قيلَ: إنّ الوَجهَ حَسّانُ
لا تَطلُبِ الغايَة َ القُصْوَى فتُحرَمَها
فإن بعض طلاب الربح خسران
والعزم في غير وقت العزم معجزة
والازدياد بغير العقل نقصان
وَاجعَلْ يدَيكَ مَجازَ المالِ تَحظَ به
إن الإشحاء للوارث خزَّان
سيرعب القومَ مني سطوُ ذي لبد
له بعثّر أعراس وولدان
لا يطعم الطعم إلا من فريسته
إنْ يَعدَمِ القِرْنَ يَوْماً فَهوَ طَيّانُ
ماشَى الرّفَاقَ يُرَاعي أينَ مَسقِطُهمْ
والسمع منتصب والقلب يقظان
يستعجل الليلة القمراء أوبتها
إذا بَنُو اللّيلِ من طولِ السُّرَى لانُوا
حتى إذا عرّسوا في حيث تفرشهم
نمارق الرمل انقاء وكثبان
دنا كما اعتسّ وطمرين لمّظه
مِنْ فَضْلَة ِ الزّادِ، بالبَيداءِ، رُكبانُ
ثمّ استقرت به نفس مشيعة
لهَا مِنَ القَدَرِ المَجْلُوبِ مِعوَانُ
فعاث ما عاث واستبلى عقيرته
يجرها مطعم للصيد جذلان
قِرْنٌ إذا طَلبَ الأوْتارَ عَن عُرُضٍ
لمْ تَفْدِ مِنْهُ دِمَاءَ القَوْمِ ألبَانُ
وغلمة أخذوا للروع أهبته
لفّ البطون على الأعواد خمصان
طارت بأشباحهم جرد مسومة
كَأنّمَا خَطَفَتْ بالقَوْمَ عِقْبَانُ
مِنْ كُلّ أعنَقَ مَلْطُومٍ بِغُرّتِهِ
كَأنّهُ مِنْ تَمَامِ الخَلقِ بُنْيَانُ
يَمُدُّ للجَرْسِ مثلَ الآستَينِ، إذا
خانَ التّوَجّسَ أبْصَارٌ وَآذَانُ
فاستمسكوا بنواصيها وقد سقطت
مِنْ غَائِرِ الجَرْيِ ألْبَابٌ وَأرْسَانُ
كأنما النخل تزفيه يمانية
فَاهَتْ بِهِ ثَمّ أعقَابٌ وَعِيرَانُ
كعَمْتُ فاغِرَة َ الثّغْرِ المَخوفِ بهمْ
يهفو بأيمانهم نبع ومران
كَأنّ غُرّ المَعالي في بُيُوتِهِمُ
بِيضٌ عَقائِلُ يَحمِيهِنّ غَيرَانُ
يا فَاقِدَ اللَّهِ بَينَ الحَيّ مِنْ يَمَنٍ
أنْسَاهُمُ الحِلْمَ أحْقَادٌ وَأضْغَانُ
إلى كَمِ الرّحِمُ البَلهَاءُ شَاكِيَة ٌ
لهَا مِنَ النّعْيِ إعْوَالٌ وَإرْنَانُ
حَيرَى يُضِلّونَهَا مَا بَيْنَنَا وَلَهاً
منا على عدواءِ الدار نشدان
النجر متفق والرأي مختلف
فالدار ووعاء الشر ملآن
أنا نجرُّهم أعراضنا طمعاً
في أن يعودوا إلى البقيا كما كانوا
أنّى يُتَاهُ بِكُمْ في كُلّ مُظْلِمَة ٍ
وَللرّشَادِ أمَارَاتٌ وَعُنْوَانُ
ميلوا إلى السلمِ إنّ السلم واسعة
وَاستَوْضِحوا الحقّ، إنّ الحقّ عُرْيانُ
يا رَاكِباً ذَرَعَتْ ثَوْبَ الظّلامِ بِهِ
هَوْجَاءُ، مائِلَة ُ الضّبعَينِ مِذْعانُ
أبلغ على النأي قومي إن حللت بهم
إني عميد بما يلقون أسوان
يا قَوْمُ إنّ طَوِيلَ الحِلْمِ مَفسَدَة ٌ
وَرُبّمَا ضَرّ إبْقَاءٌ وَإحْسَانُ
مالي أرى حوضكم تعفو نصائبه
وذودكم ليلة الأوراد ظمآن
مُدَفَّعِينَ عَنِ الأحوَاضِ من ضَرَعٍ
يَنضُو بِهامِكُمُ ظُلْمٌ وَعُدْوَانُ
لا يُرْهَبُ المَرْءُ منكُمْ عندَ حِفظَتِه
وَلا يُرَاقَبُ يَوْماً وَهوَ غَضْبَانُ
إنّ الأُلى لا يُعَزُّ الجَارُ بَيْنَهُمُ
ولا تهاب عواليهم لذُلاَّن
كم اصطبار على ضيم ومنقصة
وَكَمْ على الذّلّ إقرَارٌ وَإذْعانُ
وفيكم الحامل الهمهام مسرحه
داجٍ وَمِنْ حَلَقِ المَاذيّ أبدانُ
وَالخَيلُ مُخطَفَة ُ الأوْساطِ ضَامرَة ٌ
كأنهنَّ على الأطوادِ ذؤبان
اللَّهَ اللَّهَ أنْ يَبتَزّ أمرَكُمُ
رَاعٍ، رَعِيّتُهُ المَعْزِيُّ وَالضّانُ
ثُورُوا لها، وَلْتَهُنْ فِيها نُفُوسُكمُ
إنّ المناقب للأرواح أثمان
فَمِنْ إبَاءِ الأذَى حَلَّتْ جَماجمَها
على مناصلها عبس وذبيان
وعن سيوف إباء الضيم حين سطوا
مضى بغصته الجعديّ مروان
فإن تنالوا فقد طالت رماحكم
وإن تُنالوا فللأقران أقران.
…