أسئلةٌ للعراء/ إيناس صلاح الدين

أَرِقَةً …..
أضبط المنبة علّي أنام
أُفتت الزمن إلي معاول صغيرة تُهشم زجاج المنبة .
أشحذ عزم أصابعي الصغيرة تتوحد في قبضة تنقض علي عنقه كي تخنقه ..وتُخرج الصوت …
شظايا جسده أجمعها أدفنها في مقبرةالدُرج ويَبقى طنينه في أُذني …أستيقظ .. …. أستيقظ
.
أدور في ساعة الوقت … أرقامها كلها صفر .
أمتطي عقاربها …
انتقل من الصفر الأول .. إلي الثاني .. فالثاني عشر
حتي سفر التكوين .
وعندما تكون الساعة اثني عشر صفراً … يُضبط قلبي على ( إنك ميت وإنهم ميتون )
.
أستل الهاتف من جيبي وأطاعن الهواء وأبصق علي الحُلم والحرب .. وأضع ألغاماً في الأثير وصورا إباحية وكثيرا من الوله والبكاء والأحاجي والأدعية
أغلقه وأذهب لتناول النوتيلا ..!!
.
أشاهد التلفاز .. المذيعة البراقه تذكر أن عدد القتلى اليوم تسعون … وأنا أعلم أنهم مئتا سيدة وستة وسبعون طفلاً وثمانية وأربعون رجلا وأربع عشرة رضيعة .. و مدينة
أحصيهم وأعدهم عدا… كلما اشتد لون شفاهها القرمزي و استدار ثديها السيلكون
أدرك كم جثة أكلت المذيعة اليوم وكم كلمى تقف علي كتفيها تلعن عن الملائكة
وكم أم تعوي علي مفرق شعرها الموصول
وكم أب ينظف أرضية الاستديو من الدماء والأشلاء والكراسات النصف محترقة فيجعلها لامعة تسر المشاهدين
المذيعة البراقة تنتقل من كارثة إلي كارثة فقط ب ..( هذا وقد ) ……وتنهي كل الموضوعات الشائكة وتوقف القذائف ب ( إلي هنا )
المذيعه علمتنا أن نذكر كل الأحداث بصوت واحد ثابت
حتى أنني ذهبت مرة لشراء جثة من معرض الأسر المنتجة !!!!
المذيعة تزداد جمالاً وسيلكون واستدارة
والحرب تزداد أطفالاً وبشاعة وقذارة
وأنا ألتهم الصمت و زوجي يلتهم المذيعة…
فاصل …….!!!!!!!!!!
.
اطهو البازلاء … حبةً حبة
و أضع الدب الأرجواني في شعر صغيرتي ألصقه بقُبلة
أرتب البيت ترتيباً تصاعدياً
ثم أرتبه ترتيباً تنازلياً و أبقى في الزاوية وكلي ( حجر )
.
عصراً…. … أتفقد المقابر و الأضرحة … أغطي أقدامهم من البرد جيداً والجماجم
أحتضن كثيراً من السعف و الأسئلة ..!!!
أعود بالسعف أنبته علي حوانيت الفقراء المجاوره و أضع علامة تعجب كبيرة علي قبر أبي وأترك للعراء الأسئلة …
مساءً …… أشذب قلمين من الرصاص الحي …أسن النصل … أجليه جيداً
أرشق واحداً في صدري و الآخر أجعله عكازاً أتوكأ عليه
وأربط فيما بينهم ب وريد عليه أتأرحج … أتأرجح
و كلما اشتد صرير الوريد أنظر تحتي فتمتلىء بركه الورق بالحبر والكتابة
وكلما زادت هزة الرياح طالعت سماء الصفحة فأجد النجوم كلها عيونا متخفية ….عيون أطفال يلعبون الغميضة
أسرق من الحديقة المقابلة وروداً حمراء أعتصرها نبيذاً و ندوباً كلما جعت
.
ليلاً ….. أكشط حاجبي الأيمن ثم حاجبي الأيسر
أطمس عيني وأثبت مكانهما لافتة مكتوب عليها ( لصة محتالة أو عاهرة )
أقلد المذيعة … أتقن المشي علي صراط الآلينر و أفتح فاهي .. أمارس البغاء الحلال .. ثم أردد بصوت المذيعة ( الى هنا .. إلى هنا ) فلا شيء ينتهي …أرمي بحبر البركة علي جميع المرايا…. ثم أنظف ما علق بأسناني من لحوم الاشتهاء …
.
فجراً …. افتح صُنبور البحر علي مصرعيه … فتمتلىء الغرفة بالألواح الخشبية … الألواح التي خذل البحر أصحابها و حرمهم فرصة النجاة ….تزدحم الغرفة بالغرقى … وأنا أبحث عن قطرة ماء كي أتطهر
أتيمم … أرتدي ملابس الصلاه وأستنزف غصباً كل الراء والسينات …
.
صباحاً …..أتقيأ المذيعة .. إصبع طفل …ورضيعةً .. كثيراً من القهوة والأهداب الصناعية و محسن الخبز
حبة بازلاء والأقلام وثوب الصلاة
أيضاً تذكرة المترو و دمية الصغيرة عربة الملاهي و الوردة المغروسة في عنقي حذاء العيد و منديل أبي
و أنت …
حتى أنني تقيأت غرفة كاملة
النافذة .. دولاب الملابس و جميع الفساتين ولم يبق لدي غير الحزن والجينز
تقيأت الكثير
ومازال سرير عالق في الحنجرة …
2023-05-20