آركيولوجيا البياض/ إيهاب خليفة  

 

لي كتاب يوزع في كل العالم

عن الشعراء

ترجم إلى كل اللغات الحية و الميتة

بل توصلوا إلى محاكاة صوتية للتغريد ؛ لتفهمه الشعوب !

و حولوه إلى نبرات صارخة ذات مخالب ؛

لتردده العصافير !

لي كتاب اعتبرته الغابات بمثابة

إعادة اعتبار لأشجارها المسروقة ،

و عاجها المهيض !

لي كتاب مدهش ألفته عن الشعراء

قلبِ العالم

الأخضر

الرهيف !

شوهد الكتاب مدونا على ظهور السلاحف ،

و شوهدت سحال ٍ تتكئ على خيالاته ،

 و هي مضطجعة على الشواطئ

بنظارات سوداء !

 

شوهدت شعوب تدمر أسلحتها البيولوجية،

وتحارب بأوراق هذا الكتاب ،

وتنتصر بعد حرائق كبرى !!

 

في فصله الأول كتبت عن الشعراء مقهورين ،

الشعراء الذين لا يجدون

معطفا يخبئ تشوهات الوحدة .

في فصله الثاني تحدثت عن الشعراء مذبوحين

و هم يجرون جثث الثورات ،

من الميادين

ثورة بعد جثة

وجثة بعد ثورة .

في الثالث  كتبت عن نوبات الجنون ،

و شعراء عاشوا حياتهم كلها

في مبارزة الميتافيزيقا !

ناقشت في الفصل الرابع آركيولوجيا البياض ،

و الحبر باعتباره نحتا مخبأ

في وعي العالم !

… … … … … …

… … … … … …

في فصله الخامس سردت سير الياسمين ،

و الجيتارات التي مزقتها العواصف ،

و من دون سبب واضح

تحدثت عن عمال المناجم ،

و الزمن الذي يتدحرج عنهم بعيدا ،

ثم لا يجدون لحدائقه أثرا !!

 

في السادس والسابع تحدثت عن أسلافي من يكونون ،

و ذكرت منهم الأحجار التي خاطبتني قديما ،

يوجد حجر ركعت العواصف تحت ركبتيه ،

وهو لا يحرك ساكنا ،

كان هذا الحجر أستاذي الأول ،

 وكلما حفروا فيه نقشا بدا النقش

فوق جلدي كوشم !!

 

 

 

في الثامن والتاسع و العاشر

شيدتُ مراتعَ للبياض !!

باعتباره ما يريده الديكتاتور

لحواس القطيع !!

 

في الحادي عشر

تناولت الشعراء ملوكا ،

صولجاناتهم مدونات بائسة

و عروشهم تغريدات منهكة في فيسبوك !!

في الثاني عشر  تتبعت حياة الشعراء البدائيين ،

الذين جالسوا الغابات  ،

ودونوا الخرافة و هم  يهندسون الكهوف !!

 

بعد ذلك وحتى فصله قبل الأخير

كنت أسرد طقوس الفراش الذي يحترق

في جسد الشِعر

و السماوات التي تقام فيها سرادقات !

 

كتاب مدهش انتشر كهاشتاج فضائحيّ

في هشيم الفراغ الافتراضي !

– و لكن لِمَ أحدثَ الكتاب كل هذا الضجيج ؟!

– ستقولون لأنه أقام يوتوبيا للشعراء !

– يا سادة لا يوجد قراء للشعر أصلا ؛والشعراء

ليسوا من هذا العالم !

علاوة على أن كل الفصول التي تحدثت عنها

لم يقرأها أحد !!

 

في الكتاب فصل أخير مرواغ عنوانه  ” قُمامة العالم “

كان سر الذيوع الكوني لي !

لم أكتب فيه كلمة واحدة

و إنما وضعت فيه  صورا

لكائنات حمقى منقرضة

كانت على الدوام

تستخف بالصمت الأزرق للشعراء ،

قلب العالم الأخضر الرهيف !

و تصم نوافذها عن  التسونامي الهادر

في حناجر الشعوب !!